كان الخليفة هارون الرشيد يطوف في قصرٍ له إذ مر بجاريةٍ له سكرى وعليها كساء خزّ تسحب أذيالها فوعدته أن تزوره في اليوم التالي . فلما كان الغد مضى إليها وقال لها : الموعد . فقالت : يا أمير المؤمنين أما علمت أن كلام الليل يمحوه النهار . فضحك وخرج إلى مجلسه وسأل عمّن بالباب من شعراء الكوفة فقيل له : مصعب والرقاشي وأبو نواس . فأمر بهم فدخلوا . فلما جلسوا بين يديه قال : ليقل كل واحد منكم شعرا يكون في آخره : كلام الليل يمحوه النهار . فأنشد الرقاشي يقول :
متى تصحو وقلبك مستطارُ = وقد منع القرار فلا فرارُ
وقد تركتك صبا مستهاما = فتاةٌ لا تزور ولا تُزارُ
إذا استنجزت منها الوعد قالت = كلام الليل يمحوه النهارُ
************************
****************************************"
وقال مصعب :
أتعذلني وقلبي مستطارُ = كئيبٌ لا يقر له قرارُ
يحبٌ مليحةً صادت فؤادي = بألحاظٍ يخالطها احورارُ
ولما أن مددت يدي إليها = لألمسها بدا منها نفارُ
فقلت لها عديني منكِ وعدا = فقالت : في غدٍ منك المزارُ
فلما جئت مقتضيا أجابت = كلام الليل يمحوه النهارُ
************************
****************************************"
وقال أبو نواس :
وخودٍ أقبلت في القصر سكرى = ولكن زين السكر الوقارُ
وهزَّ المشيُ أردافا ثقالا = وغصنا فيه رمانٌ صغارُ
وقد سقط الرّدا عن منكبيها = من التجميش وانحل الإزارُ
فقلت : الوعد سيدتي فقالت : = كلام الليل يمحوه النهارُ
************************
ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك