عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2020, 04:25 PM   #2


الصورة الرمزية مجموعة انسان
مجموعة انسان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4
 العلاقة بالمرض: مصابة
 المهنة: لا شيء
 الجنس ~ : أنثى
 المواضيع: 51915
 مشاركات: 6367
 تاريخ التسجيل :  Aug 2010
 أخر زيارة : يوم أمس (11:21 PM)
 التقييم :  95
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
افتراضي  



في زمن كورونا تحقق هذا في أقوى تجلياته، وقد صارت منصة التعليم التي ابتكرتها ميكروسوفت مدرسة مجانية للملايين من البشر.


التعليم أو الكارثة

في ظل هذه الصيرورة، تجعل التكنولوجيا ملايين الناس يفقدون تلك القيمة التي يضيفونها في مجال عملهم، لذا عليهم أن يغيروه؛ سيرتفع التنافس وسيخلق هذا الوضع حاجة متزايدة إلى التدريب، وهذا ما سيجعل من "التعليم: الاستثمار الأفضل"، وهذا هو عنوان الفصل التاسع من الكتاب.

يقول غيتس إن التكنولوجيا تحسن التعليم وينفي أن تجرده من طابعه الإنساني، بل يقول إن التكنولوجيا تؤنسن بيئة التعليم، بل تجعله عمليا وممتعا (ص 256).

وأول شرط لذلك هو أن تكون المدرسة ممتلئة بالدورات التدريبية المهنية وبالمشروعات والتكنولوجيا على اختلافها، والهدف هو الجمع بين جماعية التعليم وتلبية المواصفات الفردية في عملية التعليم. والنموذج الذي يقدمه غيتس هو شركة صناعة سراويل الجينز التي تطرح سراويل تجمع بين طابع الجملة والطلبات الخاصة بالزبائن في ما يتعلق بالقياسات (ص256).. سيتكفل الكومبيوتر بتوفير ما يحتاجه كل متعلم على حسب قدراته ومقاسه، مثل السروال.. وستتوفر له معلومات لم تتوفر لمتعلم من قبل، بمجرد ضغط على فأرة. وينفي الكاتب أن يتسبب الكومبيوتر في العزلة، بل يساعد على التعاون والتفاعل من خلال الشبكة، وهذا مفيد للتلميذ وللباحث الجامعي.

يطمئن غيتس المدرسين بأن التكنولوجيا لن تحل محلهم، بل ستظل الحاجة قائمة إلى المدرسين الملتزمين، والإداريين المبدعين، وأولياء الأمور المعنيين، وبطبيعة الحال الطلاب المجتهدين (ص 257).. يدرك المؤلف أن هذه الطمأنة لن تنفع، لأن أركان المدرسة محافظة تجاه التكنولوجيا، ثم إن أعمار المدرسين التي تجاوزت المتوسط لا تشجعهم على تعلم التعامل مع الكومبيوتر. ويسجل غيتس أن المتاجر والشركات التي تضم حواسب في أمريكا أكثر من المدارس، وقد نصح الآباء أن يفيدوا أبناءهم من البرمجيات التي يستخدمونها في أعمالهم، بدل أن يخافوا أن يؤدي استخدام الكمبيوتر إلى فقدان السيطرة على ما يفعله أولادهم.. يطالبهم بأن يسمحوا ويراقبوا أبناءهم في المدرسة والشارع، بدل أن يدعوا المدرسة وحدها تتولى الأمر.. في هذه الحالة سيخفق الأبناء، وهنا يمكن أن تساعد التكنولوجيا على متابعة الآباء لأبنائهم من خلال الاتصال المباشر واليومي بإدارة المدرسة.

ينصح غيتس المدرسين أن يتكيفوا لأن التكنولوجيا ستمكنهم من التشارك في الدروس والمواد وتحسينها بشكل تفاعلي على الشبكة، وسيتمكنون من الحصول على تغذية راجعة من تلامذتهم، ما يزيد من تجويد الدروس، وهذا أفضل من أن يعد مدرس واحد دروسا لأربع ساعات يوميا طيلة عمره...

عدا هذا فإن متابعة الدرس على الكومبيوتر – صور رسوم فيديو وصلات شرح اختبارات تصحح فورا - يرفه على التلاميذ ويشد اهتمامهم ويقلل من غيابهم عن الدروس... لكن بيل ينتقد برامج التسلية التي تسبب الإدمان بدل أن تقدم معلومات بطريقة جذابة (ص272) ويتوقع أن يتزايد إنتاج مواد تعلم تفاعلية ذات طابع ترفيهي...وهكذا سيحول طريق المعلومات السريع ركيزة العملية التعليمية من المؤسسة إلى الفرد، وكذلك سيتغير الهدف النهائي للتعليم من "الحصول على شهادة" إلى الاستمتاع بالتعليم على مدى سنوات العمر (ص281)..لذلك سيصبح التعليم المبني على مهارات حلا للمشكلات أكثر من أي وقت مضى، لأنه سيساعد على تأقلم أولئك الذين انقرضت وظائفهم.

يسارع الكاتب لطمأنة الذين يخشون من فقدان وظائفهم ويتوقع ظهور فئات وظائفية جديدة يرتبط أغلبها بالتعليم والخدمات الاجتماعية وفرص إزجاء أوقات الفراغ (345)، لكن يلزمهم بالمزيد من التعلم للحصول على وظائف جديدة، يقول: "سيصبح الأشخاص والمجتمعات الأنسب تعليما هم الأفضل أداء"، لذا ينصح قراءه بتلقي تعليم رسمي جيد يسمح بمواصلة التعلم واكتساب مهارات مدى الحياة ليعيد الفرد إعادة إبداع نفسه وربما أكثر من مرة، وتشجيعا لأولئك القلقين يستشهد بمؤرخ مستقبليات قال في 1920 "التاريخ الإنساني يتحول بصورة متزايدة إلى سباق بين التعليم والكارثة" (ص 350)، ويؤكد أن التعليم هو أحد عوامل المساواة الكبرى بين البشر، وكلما تحسّن التعليم زادت فرص المساواة...

لا يقتصر غيتس على طمأنة المتعلمين فقط، بل يطمئن العاملين في التعليم أيضا، يقول لهم إن مستقبل مهنتكم مشرق خلافا لمهن أخرى، لأنه كلما ارتفع مستوى المعيشة إلا وزادت القوة العاملة في التدريس، وهذا يفرض التكيف على المدرسين؛ عليهم أن يشتغلوا بحيوية وإبداعية وأن يقيموا علاقات قوية مع المتعلمين، أن يتعاملون كمدربين، كشركاء، كمنافذ خلاقة وجسور اتصال بالعالم لمساعدة التلاميذ على فهم الحياة... وتقديرا لهذه العينة خصص فتى الكمبيوتر عائدات كتابه لدعم المدرسين الذين يقومون بإدخال أجهزة كومبيوتر إلى فصولهم... أي أولئك المثابرين الذين لا ينطبق عليهم قول باشلار: "إن المعلم الذي فقد القدرة على التعلم يجب أن يحال على التقاعد فورا"، فهنيئا للذين يستطيعون أن يتعلموا كل يوم.

هذه هي أفكار عقل عظيم حول التعليم، وهي رد على أفكار حقيرة تروج الآن في المجتمع المغربي تشكك في جدوى التعليم وأهمية المعلم، أفكار تكبت تقدير المعرفة وتفجر سخريتها الأشبه بالضغينة من فعل التعلم، وكأن بادئ الرأي قد ارتقى إلى مرتبة الحقيقة.

الكتابة مدينة لبرنامج الوورد

سيجد من قرأ هذا الكتابَ السلسلة الوثائقية فقيرة وتمجيدية.. وهي سلسلة لا تشير إلى الحيل الصغيرة التي دسّها بيل غيتس في منتوجاته ليمنع منافسيه من التطور وليحتكر السوق... كما لا تشير إلى معرفته بالتجارة... لذا يبدو كمناضل لا كتاجر.

بغض النظر عن كل هذا لقد قدم بيل غتيس هدية رهيبة للكتاب، وهي "الوورد" على برمجيات ميكروسوفت. يسهل "الوورد" الكتابة والتصحيح والنسخ ويكشف الأخطاء اللغوية... والأهم بالنسبة لي يوفر بديلا للخط غير المقروء.

شخصيا منذ التحقتُ بالمدرسة والمعلمون ينصحونني "حسن خطك"، وبعد عشرين سنة من الدراسة لم يتحسن خطي ولم أنشر ما كتبته بخط يدي. وعندما اشتريت حاسوبا منذ عشرين سنة كان لدي مخزون هائل من الكتابات التي لم تنشر بعد...

أثناء الكتابة باليد تصعب الإعادة والتصحيح والإضافة والتنقيح، بينما يجعل الحاسوب هذا سهلا.

يؤثر الحاسوب في طريقة الكتابة، يصير التفكير في الكتابة كعمل فلاحي غير مرهق. يمكن تشذيب النص كما يشذب الفلاح حقل النعناع طيلة العام، خاصة في الصيف والربيع من الحشائش الضارة والفقرات المقحمة تنموا ذاتيا، بينما النعناع يحتاج ليزرع وينقى من الزوائد ليفوح عطره.

حاليا، حين يتم إرسال مقال لجريدة تنشره مباشرة، بينما قديما كان الصحف تقوم بإعادة رقن المقالات قبل نشرها ورقيا... وهذا تحول سمح بربح وقت وجهد هائل.

تستحق سيرة بيل غيتس أن تُقرأ وأن تشاهد خاصة من طرف الشباب الحالمين بالنجاح، والمحاصرين في زمن كورونا بموجات اليأس والسلبية والضبابية المهيمنة على المجتمع.


 
 توقيع : مجموعة انسان







رد مع اقتباس