ثقاقة عامة وشعر معلومات ثقافية وشعر |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#1 | ||||||||||||||
![]() ![]() ![]()
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
تحل اليوم ذكرى رحيل الشيخ محمد عبده الذى ولد عام 1258 وأبوه يتعاطى الفلاحة، كما يذكر جرجى زيدان في كتاب تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر، وأدخل فيها أولاده إلَّا محمدًا؛ لأنه توسم فيه الذكاء فأراد أن يجعله من الفقهاء، فأدخله كُتَّاب القرية تردد إليه حينًا، ثم أرسله إلى الجامع الأحمدي في طنطا أقام فيه ثلاث سنوات، ثم نقله إلى الجامع الأزهر فقضى فيه عامين لم يستفد فيهما شيئًا، وهو ينسب ذلك بالأكثر إلى فساد طريقة التعليم. واتفق أن ورد على مصر سنة 1871 السيد جمال الدين الأفغاني فيلسوف الإسلام، وصاحب الترجمة لا يزال في الأزهر وقد أدرك الثلاثين من عمره، وتولى جمال الدين تعليم المنطق والفلسفة فانخرط الفقيد في سلك تلامذته مع جماعة من نوابغ المصريين تخرجوا على جمال الدين، فخرجوا لا يُشقُّ لهم غبار كأنَّ الرجل نفخ فيهم من روحه، ففتحوا أعينهم وإذا هم في ظلمة وقد جاءهم النور، فاقتبسوا منه فضلًا عن العلم والفلسفة روحًا حيةً أرَتهم حالهم كما هي؛ إذ تمزقت عن عقولهم حُجب الأوهام فنشطوا للعمل في الكتابة، فأنشئوا الفصول الأدبية والحكمية والدينية، وكان صاحب الترجمة ألصق الجميع به، وأقربهم إلى طبعه، وأقدرهم على مباراته، فلما قضي على جمال الدين بالإبعاد من هذه الديار، قال يوم وداعه لبعض خاصته: قد تركت لكم الشيخ محمد عبده، وكفي به لمصر عالمًا. وتقلب الفقيد في بعض المناصب العلمية بين تدريس في المدارس الأميرية، وتحرير في الوقائع المصرية، وكتابة في الدوائر الرسمية. حتى كانت الحوادث العرابية فحمله أصحابها على السير معهم وهو ينصح لهم أن لا يفعلوا وينذرهم بسوء العاقبة. ولما استفحل أمر العرابيين اختلط الحابل بالنابل، وسيق الناس بتيار الثورة وهم لا يعلمون مصيرهم، فدخل الإنكليز مصر والشيخ محمد عبده في جملة الذين قُبض عليهم وحوكموا، فحُكم عليه بالنفي؛ لأنه أفتى بعزل توفيق باشا الخديوي السابق، فاختار الإقامة في سوريا فرحب به السوريون، وأُعجبوا بعلمه وفضله، فأقام هناك ست سنوات، فاغتنموا إقامته بينهم، وعهدوا إليه بالتدريس في بعض مدارسهم. وانتقل من سوريا إلى باريس فالتقى فيها بأستاذه وصديقه جمال الدين، وكانا قد تواعدا على اللقاء هناك، فأنشآ جريدة العروة الوثقى وكتابتها منوطة بالشيخ، فكانت لها رنة شديدة في العالم الإسلامي، ولكنها لم تعش طويلًا، وتمكَّن الشيخ في أثناء إقامته بباريس من الاطلاع على أحوال التمدن الحديث، وقرأ اللغة الفرنساوية على نفسه حتى أصبح قادرًا على المطالعة فيها، ثم سعى بعضهم في إصدار العفو عنه فعاد إلى مصر، فولَّاه الخديوي السابق القضاء، وظهرت مناقبه ومواهبه فعُيِّن مستشارًا في محكمة الاستئناف. كان ربع القامة، أسمر اللون، قوي البنية، حاد النظر، فصيح اللسان، قوي العارضة، متوقد الفؤاد، بليغ العبارة، حاضر الذهن، سريع الخاطر، قوي الحافظة، وقد ساعده على إحراز ما أحرزه من العلوم الكثيرة الدينية والعقلية والفلسفية والمنطقية والطبيعية، وتلقى اللغة الفرنساوية وهو في حدود الكهولة في بضعة أشهر، وكان شديد الغيرة على وطنه حريصًا على رفع شأن ملَّته، وذاع ذلك عنه في العالم الإسلامي، فكاتبه المسلمون من أربعة أقطار المسكونة يستفتونه ويستفيدون من علمه، وهو لا يردُّ طالبًا ولا يقصِّر في واجب. ناهيك بما عهد إليه من المشروعات الوطنية، فقد كان القوم لا يُقْدِمون على عمل كبير إلا رأَّسوه عليه أو استشاروه فيه، فرأس الجمعية الخيرية الإسلامية، وألَّف شركة طبع الكتب العربية، وشارك مجلس شورى القوانين في مباحثه، وآخر ما عُهد إليه تنظيم مدرسة يتخرج فيها قضاة الشريعة ومحاموها، فضلًا عما اشتغل فيه من التأليف والتصنيف، وما كان يُستشار فيه من الأمور الهامة في القضاء أو الإدارة بالمصالح العامة والخاصة، وبالجملة فقد كان كنز فوائد للقريب والبعيد بين إفتاء ومشورة، وإحسان وكتابة، ومداولة ووعظ، وخطابة ومباحثة، ومناظرة واستنهاض، وتحريض وتنشيط، وغير ذلك. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: ثقاقة عامة وشعر |
||||||||||||||
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
|