تاريخ قطارات سويسرا

تاريخ قطارات سويسرا

في شتاء عام 1968، هبت عواصف ثلجية قوية قلب أوروبا، حتى أن سويسرا – الدولة التي اشتهرت بدقة قطاراتها مثل ساعاتها – وجدت نفسها في أزمة حقيقية. الطرق أُغلقت، الثلوج تراكمت على الجبال والوديان، والأخط*ر من ذلك: مفاتيح السكك الحديدية (switches) تجمّدت تمامًا، مما جعل حركة القطارات شبه مستحيلة.

المهندسون كانوا في سباق مع الزمن. الطرق التقليدية – مثل الجرافات، الملح، وحتى أجهزة التسخين الكهربائية – لم تعد كافية أمام هذا الكم الهائل من الجليد. فكان لابد من ابتكار حل جريء… حل قد يبدو جنونيًا في البداية.

وهنا وُلدت الفكرة:
"لماذا لا نستعين بقوة المحركات النفاثة؟"

بدأ الفريق بتجارب مذهلة: أخذوا محركات خارجة من الخدمة لطائرات مقا*تلة، وثبتوها على عربات قطارات مخصصة. الفكرة كانت بسيطة وخطيرة في نفس الوقت: العادم النفاث شديد السخونة قادر على إذابة الجليد في ثوانٍ، ومسح الثلوج من على المفاتيح والأجزاء الحساسة للسكك الحديدية.

وعندما انطلق أول "قطار نفاث"، كان المشهد أشبه بلقطة من فيلم خيال علمي:
عربة ضخمة تتحرك ببطء، ومن مقدمتها ينطلق زئير محرك طائرة، ينفث نارًا غير مباشرة وهواءً جارفًا يحول الثلج المتجمد إلى بخار يتلاشى في الهواء.

رغم أن البعض كان يرى الأمر جنونيًا وخط*يرًا – فكرة أن تجوب محركات الطائرات مسارات القطارات – إلا أن النتائج كانت مبهرة:

المفاتيح عادت للعمل بسرعة قياسية.
القطارات السويسرية استمرت في العمل بانتظام، وكأن العاصفة لم توجد أصلًا.
التجربة لاقت صدى عالمي، وصارت مثالًا على الابتكار السويسري تحت الضغط.

واليوم، بعد مرور عقود، لا تزال القصة تُروى كواحدة من أكثر ابتكارات الشتاء غرابة وجرأة في تاريخ السكك الحديدية. لم يكن الأمر مجرد مواجهة بين الإنسان والثلج… بل كان مبارزة بين النار والجليد، خرجت منها سويسرا منتصرة.

ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: موضوعات عامة