ثقاقة عامة وشعر معلومات ثقافية وشعر |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
#1 | ||||||||||||||
![]() ![]() ![]()
شكراً: 9,478
تم شكره 17,570 مرة في 8,937 مشاركة
|
كان سيف الدولة الحمداني كأمراء عصره، يحب الشعر ويُقدر الشعراء، فقد ذكر بعضهم أنه كان يكتب الشعر كأبناء عائلته، الذين من بينهم أبي فراس وأبي العشائر.. لكن أقرب الشعراء إلى قلبه أبا الطيب المتنبي، الذي فضله على الجميع وأعلى شأنه.. وفي السطور التالية، سنحكي عن مدح المتنبي ومعاتبته لسيف الدولة. صحِب المتنبي سيف الدولة حاولي 10 سنين، في الفترة ما بين عامي 337-346، لكنه اشترط عليه ألاّ يُعامِله كما يُعامِل الشعراء، فقد كان الشعراء يُقَبِّلون الأرض بين قدمي سيف الدولة، ويُنشِدونه وقوفًا، فلم يرضَها المتنبي على نفسه، فاشترط أن يُنشِد سيف الدولة قاعدًا، فهو يرى أنه ملك الشعراء، وملك الشعراء يُنشِد ملك الناس، فقبِل الأمير، وأعطاه ما أراد، بل وأغدق عليه بالمال والجوائز. مدح المتنبي سيف الدولة في أكثر من قصيدة، وذكر صفاته في أكثر من موضع، فقد جاء في الجزء الرابع من كتاب فيض الخاطر: أن المتنبي وصف حب سيف الدولة للفن والتصوير، وأنه كان يملك ذوقًا رفيعًا، فقال في وصف خيمته: عليها رياض لم تحكها سحابة وأغصان دوحٍ لم تغن حمائمه وفوق حواشي كل ثوب موجَّهٍ من الدر سمط لم يثقبه ناظمه ترى حيوان البر مصطلحًا بها يحارب ضدٌّ ضدَّه ويُسالمه إذا ضربته الريح ماج كأنه تجول مذاكيه وتدأى ضراغمه وفي صورة الرومي ذي التاج ذلة لأبلج لا تيجان إلا عمائمه تقبل أفواه الملوك بساطه ويكبر عنها كمه وبراجمه قيامًا لمن يشفى من الداء كيه ومن بين أذني كل قرمٍ مواسمه قبائعها تحت المرافق هيبة وأنفذ مما في الجفون عزائمه. كما وصف شجاعة سيف الدولة في أكثر من موضع، من بينها: الرَّأْيُ قَبلَ شَجاعةِ الشُّجْعانِ هُوَ أَوَّلٌ، وَهِيَ الـمَحَلُّ الثَّاني فإذا هُما اجتَمَعا لِنَفْسٍ حَرَّةٍ بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كُلَّ مَكانِ. في هذه القصيدة يصف المتنبي الأجواء المحيطة به، إذ حضر إحدى حملات سيف الدولة على الروم، ويصف ما فعله الجنود وأميرهم في تلك الحملة بقوله: في جَحْفَلٍ سَتَرَ العُيونَ غُبَارُهُ فَكَأنَّما يُبْصِرْنَ بِالآذانِ. حتى عَبَرْنَ بِأَرْسَناسَ سَوَابِحاً يَنْشُرْنَ فِيهِ عَمَائِمَ الفُرْسَانِ. وفي قصيدة أخرى يقول المتنبي مادحًا سيف الدولة: يا مَنْ يُقَتِّلُ مَنْ أرادَ بِسَيْفِهِ أصبحتُ مِنْ قَتْلاكَ بِالإحْسانِ فإذا رأيْتُكَ حارَ دونَكَ نَاظِري وإذا مَدَحْتُكَ حارَ فيكَ لِسَاني. لكن المتنبي كان يُكثِر من مدح نفسه في قصائده، ورغم معرفة سيف الدولة بطموح الرجل، وقدرته على كبح جماحه قدر استطاعته، لكن حاشية الأمير، والتي من بينها النحوي خالويه وأبو فراس الحمداني، سعوا لإبعاد المتنبي عن سيف الدولة، فأوغروا صدره ووسعوا الفجوة بينهما، فعاتبه المتنبي في قصيدته المعروفة: "وا حر قلباه مِمَّن قلبه شبِمُ"، فوصف علاقته بسيف الدولة، ومدحه بقوله: وا حرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ مالي أُكَتِّمُ حُبًّا قَد بَرى جَسَدي وتَدَّعي حبَّ سيفِ الدَولَةِ الأمَمُ إن كانَ يَجمَعُنا حبٌّ لِغُرَّتِهِ فليتَ أنَّا بِقَدْرِ الحبِّ نَقتسِمُ قَد زُرتُهُ وسيوفُ الهندِ مُغمَدَةٌ وقد نظرتُ إليه والسُيوفُ دَمُ فَكانَ أحْسنَ خَلق الله كلِّهِمُ وكانَ أحسنَ مافي الأحسَنِ الشِّيَمُ. ثم بدأ يُعاتِبه ويختصِم إليه قائلاً: يا أعدلَ الناسِ إلا في معامَلتي فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخَصْمُ والحَكَمُ أعيذُها نظراتٍ منكَ صادقةً أن تَحْسبَ الشَّحمَ فيمَن شَحْمُهُ وَرَمُ وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ إذا استَوَت عندَهُ الأنوارُ والظُّلَمُ. لكنه أفسد الأمر وأعطى الفرصة لحاسديه حين أخطأ نفس الخطأ وتحدث عن نفسه، فقال: سيَعلَمُ الجمعُ ممَّن ضمَّ مَجلسُنا بأنَّني خيرُ مَن تسعى بهِ قَدَمُ أنا الذي نظَر الأعمى إلى أدبي وأسْمعَت كلماتي مَن بهِ صَمَمُ أنامُ مِلْءَ جُفُوني عن شوارِدِها ويَسْهَرُ الخلقُ جرَّاها وَيَختَصِمُ. وعاد يذكر نفسه في أبيات أخرى قائلاً: الخيلُ والليلُ والبيداءُ تَعْرِفُني والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقَلمُ صَحِبتُ في الفلواتِ الوحشَ مُنفرِدًا حتى تعجَّبَ مني القُورُ والأكَمُ. ولعله كان يعلم أن الفجوة بينه وبين سيف الدولة قد اتسعت، وأنه لا مجال للصلح، فختم قصيدته قبل رحيله بقوله: يا مَن يَعِزُّ علينا أن نُفارقهم وِجْدانُنا كل شيءٍ بعْدَكُم عَدَمُ ما كان أخلقنا منكم بتَكرمَةٍ لو أنَّ أمرَكُمُ مِن أمرِنا أمَمُ إن كانَ سرَّكمُ ما قال حاسدُنا فما لجُرح إذا أرضاكُمُ ألَمُ وبيننا لَو رعيتُم ذاك مَعرفةٌ إن المعارِفَ في أهلِ النُّهى ذِمَمُ. ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: ثقاقة عامة وشعر |
||||||||||||||
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
|
|