يوم السناجل.. حكاية مزحة طلاب بالجامعة تحولت لأكبر حدث تسوق عالمي

يوم السناجل.. حكاية مزحة طلاب بالجامعة تحولت لأكبر حدث تسوق عالمي

في 11 نوفمبر من كل عام، تحتفل الصين بيومٍ فريد من نوعه سرعان ما تجاوز حدودها ليصبح ظاهرة عالمية. إنه "يوم العزاب" أو يوم السناجل الذي ولد في تسعينيات القرن الماضي كمزحة بين طلاب جامعة نانجينج، كرد ساخر على "عيد الحب"، قبل أن يتحول إلى أكبر حدث للتسوق في العالم.

وبحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية، تم اختيار التاريخ (11/11) لأن الأرقام الأربعة ترمز في الثقافة الصينية إلى "الأعواد العارية" كتعبير مجازي عن الأشخاص غير المرتبطين. لكن ما بدأ كرمز بسيط أصبح اليوم قوة اقتصادية هائلة، إذ تجاوزت مبيعات يوم العزاب 150 مليار دولار سنويًا، أي أكثر من مبيعات "الجمعة السوداء".


صعود ثقافة "السنجلة" في آسيا

يرى خبراء الاقتصاد السلوكي أن انتشار "يوم العزاب"، أو ما يعرف شعبيًا بيوم "السناجل"، لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تحولات اجتماعية عميقة تشهدها آسيا، حيث أصبح العزاب يمثلون نسبة متزايدة من السكان في عدد من الدول.

وفي الصين بشكل خاص أدت سياسة الطفل الواحد (1980، 2015) إلى خلل ديموغرافي واضح، إذ فضلت عائلات كثيرة إنجاب الذكور، ما خلف فائضًا في عدد الرجال غير القادرين على العثور على شريكات حياة. وفي المقابل، أسهمت فرص التعليم والعمل في تمكين النساء ومنحهن استقلالًا اقتصاديًا جعلهن أكثر حرية في تأجيل الزواج أو الاستغناء عنه كليًا.


الأمر لا يقتصر على الصين، فالمشهد ذاته يتكرر في اليابان وكوريا الجنوبية؛ حيث أصبحت الأسر المكونة من شخص واحد تتجاوز الأسر التقليدية. في اليابان يطلق على الظاهرة اسم "أوهيتوريساما" أي "حفلة الفرد الواحد"، بينما يسميها الكوريون "هونجوك" أي "قبيلة الوحدة"، وهي ثقافة تحتفي بالاكتفاء الذاتي والاستقلال الشخصي.


هذا التحول الاجتماعي خلق سوقًا جديدة بالكامل، من غرف الكاراوكي الفردية إلى صالات السينما المصممة للرواد المنفردين. شركات كبرى مثل شاومي ونايكي وجيت ستار آسيا سارعت إلى استثمار الظاهرة، عبر إطلاق منتجات حصرية وتخفيضات مخصصة لمن يعيشون بمفردهم. وهكذا، تحول يوم العزاب من مناسبة رمزية إلى منصة اقتصادية تحتفي بالعزوبية كاختيار واعٍ لا كحالة يرثى لها.


نصف الأمريكيين بلا ارتباط

في الولايات المتحدة، تشير الإحصاءات إلى أن نصف البالغين غير متزوجين، ونصف هؤلاء لا يبحثون عن علاقة من الأساس. ففي عام 1960 لم يكن يتجاوز عدد من يبقون عزابًا مدى الحياة 10%، أما اليوم فالتوقعات تشير إلى أن ربع جيل الألفية وثلث جيل "زد" لن يتزوجوا أبدًا. كما ارتفع متوسط سن الزواج الأول من 21 عامًا إلى 29 عامًا.


اقتصاد العزاب.. سوق واعدة تنتظر من يكتشفها

يقول الباحث الاقتصادي فيليب كاتزمان، مؤسس مشروع Solo الذي يدرس أثر العزوبية على أنماط الاستهلاك، إن هذه التحولات الديموغرافية في أمريكا كان يفترض أن تحدث ثورة في عالم التسويق، إلا أن معظم الشركات لا تزال تتجاهل القوة الشرائية المتنامية للعزاب.

ولكنه يرى أن بعض العلامات التجارية بدأت التحرك مثل شركة Visible Wireless التي عدلت حملتها عام 2021 من "خطة عائلية" إلى "خطة للأصدقاء والعائلة بلا دراما".


وشركة الرحلات البحرية النرويجية التي خصصت كبائن فردية للمسافرين المنفردين. وكذلك شركة عالمية شهيرة للأثاث، بعد أن نظمت عشاء "عيد الحب" للأزواج فقط عام 2024، عادت لتطلق حملة أكثر شمولًا تحت شعار: "احضر مع من تحب، صديقًا كان أو أحد أفراد عائلتك".

لكن هذه المبادرات ما تزال محدودة. فكما يوضح الباحث الاقتصادي، المطلوب هو إعادة النظر في الفرضيات القديمة حول الرومانسية والانتماء، والاعتراف بأن العيش الفردي ليس حالة مؤقتة بل أسلوب حياة متكامل يتطلب منتجات وتجارب مخصصة له.

ساعد في النشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

المصدر: منتديات حبة البركة - من قسم: موضوعات عامة